2023/06/23
شارك عبر

منذ اِندلاع الحرب السورية الطّاحنة مطلع العام (2011) التي شهدت الكثير من اِنتهاكات حقوق الإنسان، تتفاقم معاناة الأهالي يوماً بعد يوم، نتيجة تراكم الأزمات السياسية والاِقتصادية والحملات العسكرية، ولم يسلم قطّاع الخدمات الصحية من هذه الاِنتهاكات، إذ تلقّى العديد من الخسائر البشرية واللوجستية، حتى صار على حافّة الاِنهيار.

أطلقت منظمة الصحة العالمية نداءً عاجلاً لتلبية الاِحتياجات الصحية الحرِجة في سوريا، مرفقاً بالبيانات التالية:

  • (13.4) مليون سوري بحاجة للمساعدات الإنسانية.
  • أكثر من (12) مليون بحاجة للمساعدة الفورية، بينهم (1.33) مليون طفل دون الخامسة، و(3.38) مليون امرأة.
  • بلغ عدد النازحين الداخليين في سوريا حوالي (7) ملايين إنسان.
  • يضم الشمال السوري وحده ما يقدّر بـ (2.8) مليون نازح.

المرافق الصحية في الشمال السوري

يعاني آلاف السوريين شمال البلاد صعوبة الوصول لخدمات الرعاية الطبية، نتيجة الفجوة المرعبة ما بين القدرة الاِستعابية للمرافق الصحية، وبين الأعداد الضخمة للمرضى.

المشافي

تلعب المشافي دوراً حاسماً في تحسين واقع الرعاية الصحيّة في المجتمع، رغم ذلك فقد تعرّضت معظم المشافي شمال سوريا للدمار الكلّي أو الجزئي، إثر حملات القصف الهمجيّة التي اِستمرت لسنوات، مما دفع المنظمات الدوليّة والمحليّة نحو ترميمها وإعادتها إلى الخدمة، لكنها لم تزل تواجه عقبات عديدة؛ كنقص الموارد والمعدّات وقلّة الأطباء والممرضين المؤهلين.

النقاط الطبية

تفتقر الضواحي والأرياف والمخيمات المقامة حديثاً لوجود المستشفيات، فيواجه سكّانها صعوبةً في الوصول إلى مراكز المدن لتلقّي العلاج، مما اِستوجب تأسيس النقاط الطبية وسط تلك المناطق، لتكون المصدر الوحيد للعناية بالنازحين.

يبرز دور النقاط الطبية في مخيمات اللاجئين شمال سوريا من خلال توفير الخدمات التالية:

  • علاج الحالات الإسعافية الطارئة.
  • توفير الأدوية للاجئين، على رأسهم أصحاب الأمراض المزمنة.
  • علاج أمراض ومشاكل سوء التغذية.
  • الكشف عن وجود الأوبئة والسيطرة عليها قبل اِنتشارها.
  • إقامة حملات التوعية الصحية للاجئين.

الخدمات الصحية للنساء

تشكّل النساء والأطفال (80%) من إجمالي أعداد النازحين في الشمال السوري، يدفعون الثمن الباهظ للحرب على صعيد صحّتهم النفسية والجسدية، نظراً لكونهم من الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع.

يمكن تخفيف العبء الملقى على كاهل النساء اللاجئات، من خلال تزويدهنّ بالرعاية الصحية الخاصّة مثل:

  • خدمات الصحّة الإنجابية.
  • توفير وسائل منع الحمل الآمنة.
  • الرعاية الصحيّة ما قبل وبعد الولادة.
  • الكشف عن سرطانات الثدي.
  • مداواة أمراض الجهاز التناسلي.
  • علاج الأزمات النفسية واِكتئاب ما بعد الولادة.

الخدمات الصحية للأطفال

يعدُّ الأطفال فريسةً سهلة للأمراض والمشاكل الصحية المختلفة، فهم الفئة الأكثر عرضة للإصابة في أي مجموعة من السكان، وتزداد الأمور سوءاً عند تعطّل المرافق الصحية التي توفر الرعاية المناسبة لهم، كما يؤدي تدهور الأوضاع الأمنية إلى توقف البرامج الصحية كحملات التطعيم التي تتولاها السلطات المحلية أو المنظمات الدولية.

أبرز الخدمات الصحية التي يحتاجها أطفال الشمال السوري:

  • علاج حالات سوء التغذية وما ينجم عنها من أمراض.
  • تقديم اللقاحات والتطعيمات لكافة الفئات العمرية.
  • الخدمات المتعلقة بطب الأسنان وطب العيون.

اللقاحات والتطعيم

وفقاً لدراسة نشرتها منظمة اليونيسف فإن اللقاحات تنقذ حياة ما بين (2) إلى (3) ملايين شخص كل عام، إذ تساعد جهاز المناعة في الجسم على مكافحة الاِلتهابات بفاعليّة عالية، من خلال إطلاق اِستجابات المناعة ضد أمراض محددة، فإن تعرّض الجسم مستقبلاً لفيروس أو جرثومة سيكون جهاز المناعة مدركاً لكيفية مكافحتها.

يتم تزويد الأطفال والبالغين على حدٍّ سواء بمجموعة من اللقاحات التي تمنع أمراضاً خطيرة أبرزها:

  • الكوليرا (يُعطى اللقاح على عدّة جرعات).
  • اِلتهاب الكبد الفيروسي.
  • الحصبة والنكاف والحميراء.
  • فيروس شلل الأطفال.
  • السل وجدري الماء.
  • فيروس كورونا (Covid-19).
  • لُقاح الأنفلوَنزا السنوي.
  • لقاح الكزاز والخناق والسّعال الديكي (DTP).
  • أمراض المكورات الرئويّة.

الصحة النفسية

يمرّ اللاجئون بظروف وتجارب قاسية عايشوها أثناء رحلة نزوحهم، نتيجة ما رأوه من أهوال الحرب المرعبة. لا سيما أولئك الذين فقدوا أقاربهم وأصدقائهم وذكرياتهم، ممّا خلّف لهم مجموعة من الصدمات العاطفية والأزمات العقلية. هذ ما دفعنا نحو تقديم خدمات الرعاية النفسية للاجئين في الشمال السوري. 

أبرز هذه الخدمات الصحة النفسية:

  • توضيح أهمية الصحة النفسية للاجئين.
  • إقامة المسرحيات والعروض الترفيهية.
  • تقديم الاِستشارات الخاصّة للحالات الحرِجة.
  • تأهيل الأطفال الذين تعرّضوا للاِستغلال والتجنيد من قبل الجماعات الإرهابية.
  • الدعم النفسي لضحايا العنف الجسدي أو الجنسي.
  • تعليم الأهالي على كيفية إشباع الحاجات العاطفية لدى الأطفال.

الإصابات الدائمة والإعاقة

تلقّى آلاف السوريين شظايا قذائف الطيران الحربي والبراميل المتفجرة، فمنهم من لقى حتفه ومنهم من حالفه الحظ بالبقاء على قيد الحياة، إلّا أن فرحتهم بالنجاة لم تكتمل عندما أدركوا أنّ حياتهم قد تغيّرت للأبد، مع فقدانهم لأحد أطرافهم أو تعطّل أحد الوظائف الحيوية لديهم، مما أثّر على نظرتهم إلى المستقبل وفقدهم الأمل بالحياة.

التحديات التي تواجه القطاع الصحي في الشمال السوري

هناك عدد من التحديات التي تواجه قطاع الصحة شمال سوريا، تزداد حدّتها بتسارع كبير، مع التراجع الواضح في حجم المساعدات الإنسانية واِستمرار القتال بين أطياف النزاع.

نقص الكوادر الطبية

يعدُّ نقص الكوادر الطبية المؤهلة والاِختصاصيين الأكفاء، من أبرز العقبات التي تعيق عمل المنظومة الصحيّة في الشمال السوري بأكملها، إذ يكمن السبب وراء هذا النقص في ضعف التمويل والعجز عن دفع الرواتب للعاملين في القطاع الطبّي من أطباء وممرضين، مما يدفعهم نحو العمل في المنشآت الخاصّة التي يعجزُ اللاجئون عن تحمّل تكاليفها.

الأجهزة والمعدات الطبية

لم تزل الغالبية العظمى من المشافي والنقاط الطبية في الشمال السوري، تعتمد في تقديم علاج المرضى على معدات متهالكة تمنع الوصول إلى نتائج أكثر فعاليّة، لذلك لابدّ من تزويدها بمختلف الأجهزة الطبية والمعدّات المخبرية لتعزيز الخدمات الصحية الأساسية على مستوى الرعاية الصحية الأولية، وإجراء العمليات الجراحيّة المعقدة.

الفيروسات والأوبئة

في الوقت الذي يتفاقم فيه العوز والفقر ونقص الغذاء وسوء الظروف المعيشيّة، تأتي الفيروسات والأوبئة لتطلق رصاصة الرحمة على النظام الصحي شمال سوريا، وتظهر لنا عجزها المرعب، إذ تعتبر المخيمات ومناطق النزوح أرضاً خصبة مثالية لاِنتشار هذه الأمراض، بسبب اِنعدام النظافة وتلوث المياه وسوء مرافق الصرف الصحي.