الوقف في الإسلام

تعريف الوقف

معنى كلمة الوقف هي المنع أو الحبس (منع الشيء أو حبسه) عن التملك أو التصرف، والتصدق بمنفعتها أو ريعها، لصالح جهات خيرية متعددة والتي لا تخالف القانون والشرع الإسلامي.

الوقف في الإسلام

مهمة الوقف في الإسلام هي توطيد العلاقات بين الأفراد والتعاون على البر والتقوى، وتحقيق التكافل الاِجتماعي.

أول وقف في الإسلام هو وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذكر ابن خزيمية في صحيحه: باب ذكر أول صدقة محبسه تصدق بها في الإسلام، ثم ذكر أثر ابن عمر معلقاً.

أهمية الوقف في الإسلام

لقد جعل الإسلام الوقف في منزلة كبرى، بل جعله من أولويات المجتمع المسلم؛ فقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أول من أوقف في الإسلام أرضاً على فقراء المسلمين، تلاه عثمان بن عفان الذي اشترى بئر “رومة”، وأوقفها على سقيا الناس، فأقر رسول الله صلى الله عليه وسلم نظام الوقف، وطبقه التطبيق العملي في بناء مسجد قباء بأموال المسلمين، كما قال جابر بن عبد الله: “لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلا وقف”.

الأحاديث والآيات التي ذكرت الوقف

وُجِد الوقف في الكثير من الآيات والأحاديث لأهميته الكبيرة في الإسلام.

الوقف في القرآن

• {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (آل عمران: 92).
•  {إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيراً لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون إن تقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم} (التغابن: 15).
• {مثل الذين ينفـقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم} (البقرة: 261).

الوقف في الحديث النبوي

• عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أصاب عمر رضي الله عنه أرضاً بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يسامره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قـط هو أنفس عنـدي منه، فما تأمرني به؟ قال صلى الله عليه وسلم ( إن شئت حبست أصلها، وتصدقت به قال: فتصدق بها عمرُ، أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يورث، ولا يوهب، قال فتصدق عمر في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف لا جُناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقاً غير متمول فيه.
• عن أبي هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له).
• قال ابن قدامة: وقال جابر لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذو مقـدرة إلا وقـف وهـذا إجماع منـهم، فـإن الـذي قـدر منهم على الوقف وقف، واِشتـهر ذلـك، فلم ينكره أحد، فكان إجماعاً.

أنواع الوقف في الإسلام

ميّز الإسلام أنواع الوقف بحسب أغراضه:

وقف العقارات

يعد وقف العقار من المصادر الاِقتصادية المهمة على امتداد التاريخ الاسلامي، بالإضافة إلى أن أماكن التعليم ودور العجزة والأيتام والعلاج كانت تستمد قوتها من الأوقاف، وهذا ما جعل للوقف أهمية كبيرة في الإسلام.

الوقف الخيري

الوقف الخيري هو ما يُخصص من أموال للرعاية الصحية والثقافية والتعليمية والاِجتماعية وغيرها من الخدمات.

شروط الوقف

للوقف عدة شروط حتى يكون صحيحاً، أهمها:

• أن يكون الوقف ملكاً لمن يقفه.
• أن يكون مال الوقف ملكاً للواقف.
• أن يكون الوقف عيناً معلومة يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها.
• أن يكون الوقف على بر كالمساجد، والقناطر، والأقارب، والفقراء.
• أن يكون الوقف على معين من جهة كمسجد كذا، أو صنف كالفقراء، أو شخص كزيد مثلاً.
• أن يكون الوقف مؤبداً غير مؤقت، منجّزاً غير معلق، إلا إذا علقه بموته فيصح ويكون وصية.

مدة الوقف

الوقف مطلق مؤبد.

فمن أوقف أرضاً أو داراً لله فقد خرجت عن ملكه، فلا تباع ولا توهب ولا تورث ولا تسترد.

أنواع الأوقاف في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم

في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بني عدد من الأوقاف، منها:

المسجد النبوي

عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ الله ﷺ المَدِينَةَ أمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ، وَقَالَ: «يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا». قَالُوا: لا وَالله، لا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلا إِلَى الله.

البساتين

عن أنسِ بن مالك قال: كانَ أبو طلحة أكثرَ الأنصار بالمدينة نخلًا، وكان أحب أموالهِ إليه “بيرحاء”، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله ﷺ، يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، فلما أنزلت {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ}، قام أبو طلحة وقال: يا رسول الله، إن الله يقول {لن تنالوا البر…} الآية، وإنّ أحبّ أموالي إليّ “بيرحاء” وإنها صدقة لله، أرجو برّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال ﷺ: «اجعلها (أي ريعها) في قرابتك».

عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ تُوُفِّيَتْ أمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا، فَقالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ أمِّي تُوُفِّيَتْ وَأنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أنَّ حَائِطِيَ المِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا.

بئر رومة:

عَنْ أبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ أنَّ عُثْمَانَ بن عفان رَضِيَ اللهُ عَنهُ حِينَ حُوصِرَ، أشْرَفَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: أنْشُدُكُمُ اللهَ، وَلا أنْشُدُ إِلا أصْحَابَ النَّبِيِّ ﷺ، ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ رَسُولَ الله ﷺ قَالَ: «مَنْ حَفَرَ رُومَةَ فَلَهُ الجَنَّةُ». فَحَفَرْتُهَا، ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّهُ قَالَ: «مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ فَلَهُ الجَنَّةُ». فَجَهَّزْتُهُ، قَالَ: فَصَدَّقُوهُ بِمَا قَالَ.

الاسئلة االشائعة