أيام معدودة باتت تفصلنا عن شهر رمضان المبارك، والقلوب تهفو إلى نفحات الرحمة والمغفرة في الشهر الفضيل، فكيف تجهّز نفسك وتستعد لشهر رمضان المبارك، ليكون نقطة إنطلاقة جديدة لك؟
هذا ما سنتعرف عليه بسبع خطوات نقدمها لك ضمن هذا المقال.
كتابة قائمة بالأهداف المراد تحقيقها في شهر رمضان
إن أي مشروع ناجح يبدأ من التخطيط الناجح، ونجاح مشاريعك في رمضان القادم مرتبط بمدى استعدادك وتخطيطك لكيفية استثمار هذا الشهر الفضيل، فهو موسم يزورنا كل عام ويرحل، لذلك عليك الاستعداد له من الآن لتستفيد من كل ثانية فيه.
ويتميز رمضان أنه يدفعك لتنظيم وقتك بشكل تلقائي، فثبات وقت السحور والإفطار يجعل يومك أكثر قابلية للتنظيم، وتستطيع بذلك إدارة ساعات اليوم.
وبالتالي فإن السعي لأهدافك المراد تحقيقها بشكلٍ منظّم يمكن ربطه بحسب مواقيت الأذان، وهذا يزيد من فاعلية يومك ويزيد من قابلية تحقيق أهدافك.
كيف تحدد الأهداف المراد تحقيقها في شهر رمضان
يمكن في البداية أن تختار المجالات التي تريد أن تحقق فيها أهدافك، مثل المجالات الروحانيه والعلمية المهنية أو حتى أي هدف شخصي، ومن ثم تحديد الأهداف المراد تحقيقها وفق هذا المجالات المختارة.
وهناك طرق متعددة لصياغة الأهداف، ونقترح عليك طريقة الأهداف الذكية S.M.A.R.T Goals التي تضع مجموعة من المعايير الممكن اتباعها في صياغة الأهداف وجعلها أكثر قابلية للتحقيق.
وطريقة الأهداف الذكية مأخوذة من كلمة سمارت بالإنجليزية SMART التي تعني ذكاء، وهي في ذات الوقت مجموع اختصار كلمات المعايير اللازمة لنجاح الهدف، وتعبّر معايير S.M.A.R.T عن ما يلي:
- S = رمز كلمة Specific/ محدد: وتعني أن يكون الهدف واضح وغير مبهم أو غامض.
- M = رمز كلمة Measurable/ قابل للقياس: بحيث تقيس مدى تحقيقك للهدف في نهاية المدة.
- A = رمز كلمة Achievable/ قابل للتحقيق: بأن يكون أقرب للواقع وليس خيالياً أو يحتاج لفترة طويلة جداً للتحقيق.
- R = رمز كلمة Relevant/ مرتبط بغرض حياتك: ليكون له معنى يدفعك ويحفزك على الاستمرار.
- T = رمز كلمة Timely/ محدد بزمن: له وقت بداية ونهاية.
وبحسب هذه الطريقة يمكن أن تجعل أهدافك أكثر فاعلية، فإذا كان على سبيل المثال أحد أهدافك في شهر رمضان المبارك أن تقرأ كتاب في السيرة النبوية، فبحسب طريقة الأهداف الذكية يجب تحديد كتاب بحجم متوسط وتقسيم صفحاته على عدد أيام رمضان، مع تأكيد نية التعرف على النبي ﷺ للاقتداء به كغرض من القراءة.
زيادة المعرفة حول شهر رمضان والتاريخ الاسلامي
من أبواب الاستعداد لشهر رمضان الكريم، التعرف أكثر على هذا الشهر العظيم وفضائله وعظيم شأنه، واستشعار مكانة رمضان في الإسلام، والتذكر بأنه الشهر الذي أُنزل فيه القرآن الكريم على النبي محمد ﷺ، وهو الشهر الذي فُرض فيه الصيام على المسلمين.
كما أن الاطلاع على فضائل الأعمال في هذا الشهر يعينك على الاستعداد والشحن الروحي العالي، كأن تستعد لقيام الليل وقراءة القرآن، والتعرف على فضل أيامه العشر الأواخر وفضل ليلة القدر والتي هي خيرٌ من ألف شهر.
ويمكن أيضاً الاطلاع على الأحكام الفقهية المتعلقة بالصيام، تجنباً لارتكاب أي مخالفة من شأنها إفساد الصوم، بالإضافة إلى معرفة سنن رمضان وصيامه وقيامه.
ومن الأمور التي تعينك على إدراك أهمية وقيمة هذا الشهر؛ التعرف على سيرة النبي ﷺ فيه وسير الصحابة والتابعين والصالحين في هذا الشهر الكريم، فهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار.
شهر رمضان هو شهر عبادة وعمل واجتهاد، ودليل ذلك أن المسلمين خاضوا في هذا الشهر العظيم العديد من المعارك التي انتصروا فيها إلى جانب أعمالهم من العبادات الشعائرية، وهذا حافز لقراءة التاريخ الإسلامي المرتبط بشهر رمضان.
تهيئة جسمك من أجل صيام شهر رمضان
الصيام في المعنى الاصطلاحي له يعني الامتناع عن الأكل والشرب والمباحات لفترة محددة من الزمن، وله بطبيعة الحال مقاصد سامية أكبر من مجرد الصوم عن الطعام، فهو فعل تعبدي يؤدي فيه المسلم الفرض الموكل إليه والركن الرابع من أركان الإسلام.
ولكن من باب الاستعداد لهذا الصوم والامتناع عن المباحات؛ وجب أن يكون الجسم جاهزاً ليواصل الصيام بشكل يومي على مدار الشهر، ومن النصائح المعينة على هذا الاستعداد مايلي:
الصيام التطوعي قبل رمضان
قد يتعرض الجسم في أول يوم صيام من رمضان؛ إلى اختلال نسبي في التوازن نتيجة الانقطاع المفاجئ عن الطعام والشراب، لذا فإن الصيام التطوعي قبل رمضان يساهم في التهيئة الجسدية والنفسية لصيام رمضان.
تقليل كمية الطعام بالتدريج قبل رمضان
في حال كان الصيام التطوعي غير ممكناً قبل شهر رمضان المبارك فإن خيار تقليل كمية الطعام بالتدريج قبل رمضان يساهم في التهيئة الجسمانية على الصيام.
كما إن اتباع أنماط الطعام الصحي المليء بالعناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الإنسان؛ تشحن الجسم بالطاقة والحيوية اللازمة لمواصلة صيام شهر رمضان المبارك وقيام ليله.
الإبكار بالحصول على وجبة الإفطار قبل رمضان
من النصائح التي يمكن اتباعها استعداداً لصيام شهر رمضان؛ الإبكار بالحصول على وجبة الإفطار لتكون مثل وجبة السحور، وبالمقابل توقيت وجبة الغداء مع وقت المغرب لمحاكاة توقيت الوجبات في يوم رمضان.
التقليل من شرب المنبهات
يؤثر شرب المنبهات على جسم الإنسان بأنه يسبب نوعاً من الإدمان إلى جانب تأثيره التنبيهي، فإذا انقطع الإنسان عن المنبهات بشكل مفاجئ قد يسبّب ذلك أعراض مشابهة لأعراض الانسحاب مثل الصداع والتعب ومشاكل في النوم، وبالتالي فإن التقليل من شرب المنبهات يهيئ الجسم على الصيام براحة أكبر.
الإقلاع عن التدخين
يُعد التدخين عادة مضرة جداً، وبسبب طبيعته الإدمانية فإن المدخنين يمرون بشيء من أعراض الانسحاب خلال فترة الصيام، بما يؤثر على متعة وروحانية الشهر الفضيل.
بالمقابل يمكن اعتبار صيام رمضان فرصة ذهبية للإقلاع عن التدخين، فمن يمتنع عن التدخين نهاراً يمكن أن يمتنع عنه ليلاً، ومن يتمكن من الامتناع عنه يوماً واحداً بإمكانه الامتناع يومين وهكذا، كل ما يحتاجه الأمر التدرج خطوة بخطوة.
النوم الطبيعي
خلق الله نمط حياة الإنسان ليمر بأطوار النشاط والراحة، ويعدّ النوم من أشكال الراحة الأساسية التي يحتاجها الإنسان، وإذا حصل أي خلل في نمط النوم؛ قد يضطرب أداء الإنسان وإنتاجيته، وإذا طالت فترة الاضطراب قد تتأثر صحة الإنسان ومناعته.
وبسبب طبيعة أوقات وجبات شهر رمضان المبارك وبالأخص السحور فإن العديد من الناس تكسر نمط النوم المعتادة عليه، ومنهم من يتّبع عادات غير صحية في النوم كأن يسهر ليلاً حتى موعد السحور، وبالتالي فإن نهاره سيكون مليئ بالتعب والإرهاق.
لذلك فإن الاستعداد الجيد وبناء عادات النوم الطبيعي قبل رمضان؛ تعين الصائم على مواصلة يومه ونشاطه بأعلى كفاءة وإنتاجية.
الزيادة التدريجية في العبادات
ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ سُئل: أيُّ العملِ أحبُّ إلى الله؟ قال: “أدومه وإن قل” (متفق عليه)، ونتعلم من هذا الحديث دروس كثيرة، منها أن العمل القليل الدائم خير من الكثير المنقطع، ويمكن أن نطبق هذه الحكمة على الأعمال في رمضان.
فتحديد هدف واضح وواقعي (وفق طريقة الأهداف الذكية التي ذكرناها سابقاً)؛ يكون أكثر قابلية للتحقيق، على عكس الأهداف الكثيرة أو الخيالية المبالغ فيها.
وينطبق الأمر على العبادات في رمضان، فالاستعداد الجيد لرمضان من خلال الزيادة التدريجية في العبادات؛ يعين على تحقيق الأهداف المتعلقة بالعبادات والطاعات حتى نهاية الشهر الفضيل.
على عكس البداية الكبيرة المفاجئة بالعبادات كأن يقرأ المرء 5 أجزاء من القرآن الكريم في أول يوم ثم تقل همّته ونشاطه فلا يستطيع حتى إتمام ختمة واحدة نهاية الشهر.
والتدرج قبل رمضان من المعينات الكبيرة على الاستعداد، وخاصةً إذا كان مرتبط بالأهداف المنشودة واستغلال بركة الشهر الفضيل في تحقيقها.
قراءة القرآن مع التجويد
رمضان شهر القرآن، فهو يُتلى نهاراً ويُقام به ليلاً، ودرجت العادة عند المسلمين على قراءة ختمات من القرآن على مدار الشهر الفضيل، حتى أن الكثير من العلماء يتفرغ في رمضان لتلاوة القرآن وتدبر آياته، ومنهم من كان يختم القرآن في كل يوم مرة.
وارتباط رمضان بالقرآن يكون لاجتماع فضل القرآن مع فضل الشهر الكريم، ورجاء مضاعفة الأجر والثواب، ومن أبواب مضاعفة هذا الأجر؛ حسن قراءة القرآن وتجويده، اقتداءً بالنبي ﷺ خير من قرأ القرآن، وأثنى على تجويد القرآن.
ولنيل أجر قراءة القرآن مع التجويد يمكن الاستعداد من الآن قبل رمضان عبر الالتحاق بدروس التجويد المجانية المنتشرة بكثرة.
أو الاطلاع على أحكام التجويد وتطبيقها مع معلم متمرس، بحيث لا يأتي رمضان إلا وأنت على أتم الاستعداد لقراءة القرآن بأكبر قدر من الإتقان.
التخلص من العادات السيئة
شهر رمضان هو شهر الفضائل من الأخلاق وشهر التقرب بالعبادات وترك المنكرات، ولا يمكن أن تجتمع العادات السيئة مع موسم الخيرات والإحسان كرمضان، وإلا فإن ذلك قد يُعرّض الصيام للإفساد، أو سيتسبب بضياع الحسنات أمام ارتكاب السيئات.
ويعتبر شهر رمضان الكريم فرصة كبيرة لترك العادات السيئة، خاصة وأن الأجواء العامة في الشهر الفضيل تكون معينة على ذلك بالمجمل، حيث تسود الرحمة بين الناس، وتنتشر الطاعات في المجتمعات.
ويمكن أن يتم استغلال الشهر الكريم بالتخلص من العادات السيئة مثل الغيبة والنميمة والكذب، أو ترك السلوكيات المحرمة أو الضارة، مثل التدخين والنرجيلة.
ورمضان بالمقابل فرصة كبيرة لبناء عادات جيدة مثل اتباع نمط حياة صحي، وزيادة صلة الأرحام، وإصلاح ذات البين، والتخلق بخلق الصالحين، أو حتى بناء عادة جديدة مثل المداومة على قراءة القرآن.
تجهيز قائمة بالصدقات وزكاة الفطر
في مواسم الخير والإحسان وفي الأيام الفضيلة، يسن الإكثار من الصدقات، فقد كانت هذه سُنة النبي ﷺ في رمضان، فرسول الله ﷺ كان أجود الناس، وكان في رمضان حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة.
ومن أشكال الاستعداد لشهر رمضان المبارك واستثمار فضائل الأعمال فيه، يمكن إعداد قائمة بالصدقات التي ينوي الإنسان أداءها في رمضان من حيث قيمة المبلغ المخصص، والأشخاص أو الجهات التي يمكن الاستعانة بها لتوزيع الصدقات والزكاة على مستحقيها.
كما يجب الاستعداد لأداء فرض زكاة الفطر التي هي الواجبة في رمضان، وحساب قيمتها التي تعادل صاع (حوالي 3 كيلوغرام) من الطعام الأساسي الذي يقتات منه أهل البلد مثل القمح أو الأرز.
وقد خصصت منظمة بنيان للشباب والتنمية عدد من البرامج والمشاريع خلال شهر رمضان المبارك، مثل توزيع وجبات الطعام وتوزيع ملابس العيد والمساعدات على المحتاجين في مخيمات اللجوء ومراكز الإيواء في أماكن الصراع.
الأسئلة الشائعة
كيف نحضر أنفسنا لشهر رمضان؟
:يمكن أن نحضّر أنفسنا لشهر رمضان عبر الخطوات التالية
كتابة قائمة بالأهداف المراد تحقيقها في شهر رمضان*
زيادة المعرفة حول شهر رمضان والتاريخ الاسلامي*
تهيئة جسمك من أجل صيام شهر رمضان مثل الصيام التطوعي*
الزيادة التدريجية في العبادات قراءة القرآن مع التجويد التخلص من العادات السيئة*
تجهيز قائمة بالصدقات وزكاة الفطر*
ماذا أفعل في أول يوم من شهر رمضان؟
في أول يوم من شهر رمضان يمكن عقد النية على صيام كامل الشهر، وكتابة خطة أهداف لتحقيقها في آخر الشهر.
كيف تحدد الأهداف المراد تحقيقها في شهر رمضان؟
اختر بداية المجالات التي تريد أن تحقق فيها أهدافك، ثم تحديد الأهداف المراد تحقيقها في شهر رمضان وفق هذا المجالات المختارة، ويمكن الاستعانة بتقنيات صياغة الأهداف مثل طريقة الأهداف الذكية S.M.A.R.T Goals.
المصادر