هرباً من الموت والقهر والجوع، يُجبرُ ملايين اللاجئين على مغادرة أوطانهم تاركين خلفهم ذكرى الحياة التي ألفوها، حالمين بعيش حياةٍ كريمة تؤمّن لهم ولأطفالهم مستقبلاً أفضل، مما دفعهم لمواجهة ما لا يحتمل من الصعاب ساعين في خبايا رحلة خطيرة مشوبة بالهلاك.
الدول التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين
أصدرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تقريرها السنوي للعام (2022)، الذي يحتوي على بيانات وإحصائيات حول اللاجئين وطالبي اللجوء في العالم، وأعلنت فيه عن تجاوز أعداد اللاجئين القسريين عتبة الـ (100) مليون لاجئ لأول مرّة في التاريخ، الذين فرّوا من منازلهم نتيجة الاِضطهاد الذي لحق بهم من قصفٍ واِعتقالات تعسفيّة وانتهاكاتٍ حقوقيّة.
مع الأسف، فقد تصدّرت سوريا قائمة البلدان المصدّرة للاجئين عالمياً، بما يقارب (7) ملايين لاجئ خارج البلاد، عدا عن الأعداد المماثلة لهم من النازحين داخل البلاد، بينما اِحتلت تركيا المرتبة الأولى بين الدول المستضيفة لأكبر عدد من اللاجئين على النحو التالي:
- تركيا: (3.7) مليون لاجئ معظمهم من السوريين.
- كولومبيا: (2.5) مليون من اللاجئين وطالبي الحماية.
- ألمانيا: (2.2) مليون، نحو (40%) منهم من السوريين.
- باكستان: (1.5) مليون.
- أوغندا: (1.5) مليون.
تفاعل اللاجئين وانخراطهم مع المجتمع
بالنسبة للاجئين، فإن رحلة التعب لا تنتهي لحظةَ مغادرة بلادهم! فعند وصولهم إلى دولة اللجوء، تظهر أمامهم تحدياتٍ جديدة، على رأسها مرحلة التعايش والاِنخراط مع المجتمع المُضيف، فعلى الرغم من أن مسؤولية دمج اللاجئين في البيئة الجديدة تقع على عاتق الحكومات والمؤسسات المجتمعية، إلّا أن هذا الجانب مُهمل في العديد من البلدان المستضيفة.
عوائق اندماج اللاجئين
هناك مجموعة من العقبات التي تواجه اللاجئين في رحلة الاِندماج، ممّا يسبب بعض الضغوط النفسيّة لهم، ويعيق تطورّهم في العمل أو الدراسة. من أهم هذه العوائق:
- صعوبة تعلّم اللغة الجديدة.
- التعرّض للعنصريّة وخطابات الكراهية.
- الصورة النمطية السلبية الموجودة لدى الطرفين (اللاجئين والسكّان الأصليين).
- الاِختلاف الجذري في العادات والتقاليد أحياناً.
- صعوبة بناء العلاقات الشخصيّة والصداقات.
بعض التوصيات من أجل دمج اللاجئين في المجتمع
إن العمل على دمج اللاجئين في المجتمعات المُضيفة، له منافع عظيمة تعود على الجميع، وقد أدركت ذلك مجموعة من الدول التي فتحت أبوابها أمام اللاجئين، حيث تسعى إلى اِستثمار هذه الطاقات البشريّة الجبّارة وتوظيفها في عمليات التطوير، وهذه بعض الاِسترتيجيات الناجحة التي تسهّل عملية الاِندماج:
- حماية حقوق اللاجئين والمهاجرين في الحصول على الخدمات الأساسية كالتعليم والصحّة.
- تحقيق المساواة والعدل بين اللاجئين والسكّان المحليين.
- تعليم اللغة الجديدة للاجئين فور وصولهم.
- توجيه وسائل الإعلام نحو إبراز التجارب الإيجابية والنجاحات التي يحققها اللاجئون.
- اِحترام ثقافة اللاجئين ومعتقداتهم وضمان حريّتها.
- إقامة فعاليات التواصل والحوار بين اللاجئين والسكّان.
- تاهيل اللاجئين مهنيّاً واِدخالهم إلى سوق العمل.
الفوائد من إستضافة اللاجئين للدول المضيفة
عادةً ما يُسلّط الضوء نحو “الأعباء” التي يفرضها تدفق اللاجئين على المجتمعات المُضيفة، لكن هذه نظرة قاصرة ومجحفة بحقّ اللاجئين، فعلى الرغم من التكاليف الباهظة التي تتكبّدها الدول خلال المراحل الأولى من وصول اللاجئين إلى أراضيها، في تأمين خدمات السكن والصحة والغذاء وإعادة التأهيل، إلّا أن هؤلاء اللاجئين يشكّلون استثماراً اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً مميّزاً للدول الحاضنة.
الفوائد الاقتصادية
أظهرت تجارب اللجوء في العديد من الدول وجود منافع اقتصادية ضخمة للاجئين، سواءً كانت من الدول الثريّة كالقارة الأوروبيّة وتركيا وأمريكا، أو من البلدان النامية مثل مصر والأردن وغيرها، وتتمثّل أهم الفوائد الاِقتصادية للاجئين في النقاط التالية:
- رفد أسواق العمل بالأيدي العاملة وخلق فرص جديدة.
- اِكتشاف المواهب والعقول الفريدة وتعزيز الاِبتكار.
- إنعاش الاِقتصاد وتسريع دوران رؤوس الأموال.
- إضافة المعارف التجارية والصناعيّة الجديدة.
- زيادة الإنتاجية ورفع متوسط الأجور بالنسبة للعمال المحليين.
- سدّ الفجوات العمريّة الحاصلة في الدول ذات معدّلات الشيخوخة المرتفعة كالقارة الأوروبية العجوز.
الفوائد الثقافية
يُساعد اِنتشار اللاجئين من مختلف الأطياف والأعراق والجنسيات في جميع بقاع العالم، على تعزيز التفاهم بين الثقافات ونشر القيم المتنوّعة، واحترام الأديان والحدّ من العنصرية القائمة على النوع، كما يُضيف اللاجئين ديانات وعادات وأطعمة وحِرف تقليديّة، تساهم بإثراء تراث البلد المُضيف.