موعد ليلة القدر 2023 فضلها وأجرها

تعادل ساعاتها القليلة عبادة العمر كلّه، ووصفها لنا الله تعالى في كتابه الكريم بأنها “خيرٌ من ألف شهر” هي ليلة القدر المباركة التي تتجلّى فيها الرحمات ويُضاعف الله فيها أجر الأعمال الصالحة لعباده أضعافاً كثيرة.

لذا تجد المسلمين في كلّ عام- وتحديداً في العشر الأخير من شهر رمضان المبارك- يتحرّون هذه الليلة في الأيام الوترية. راجين من الله تعالى أن يُنعِم عليهم باغتنام ساعاتها الفضيلة عبادةً وتضرّعاً وشكراً للواحد الأحد.

سنتحدّث في هذا المقال عن أهمية هذه الليلة عند المسلمين و تاريخ ليلة القدر 2023 ونستعرض أقوال العلماء وما جاء في السنة النبوية والقرآن الكريم حول فضائل الأعمال في هذه الليلة.

تحديد ليلة القدر

اتفق جمهور العلماء على أنّ موعد ليلة القدر يكون في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك في إحدى الليالي الوترية. إلاّ أنهم اختلفوا في تحديد أيّ الليالي منهم هي ليلة القدر الصحيحة.

فمنهم من رجّح أنّها في اليوم الثالث والعشرين من رمضان؛ أو أنّها في الحادي والعشرين من رمضان وفقاً للشافعية. فيما ذهب علماءٌ آخرون إلى ترجيح أنها في يوم السابع والعشرين من رمضان وفقاً للحديث المرويّ في صحيح مسلم:

“قالَ أُبَيٌّ في لَيْلَةِ القَدْرِ: وَاللَّهِ إنِّي لأَعْلَمُهَا، وَأَكْثَرُ عِلْمِي هي اللَّيْلَةُ الَّتي أَمَرَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بقِيَامِهَا هي لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. وَإنَّما شَكَّ شُعْبَةُ في هذا الحَرْفِ: هي اللَّيْلَةُ الَّتي أَمَرَنَا بهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ. قالَ: وَحدَّثَني بهَا صَاحِبٌ لي عنْه.” صحيح مسلم/ 762.

 موعد ليلة القدر واختلاف مواقيت البلدان

ذكر العلماء بأنّ موعد ليلة القدر قد يختلف مع اختلاف المطالع والبلدان في التماس هلال شهر رمضان المبارك. ووفقاً لذلك؛ هذا يعني أنّ ليلة القدر قد تكون في أيام الأوتار أو الأشفاع. فقد تكون شفعاً في بلدٍ ما ووتراً في آخر.

بمعنى أوضح؛ يُرجّح أنّ هذه الليلة المباركة تنتقل خلال أيام العشر الأخير بأكمله. لذا فإنه من الأسلم أن يتحرّى المسلم هذه الليلة المباركة طوال الأيام العشر الأواخر من رمضان.

لا شكّ بأنّ هذا الاختلاف في تحديد ميقاتها الدقيق له حكمةٌ إلهيةٌ عظيمة. وربّما هي رسالةٌ من الخالق جلّ وعلا ليقرّبنا إليه طيلة الأيام العشر الأواخر؛ ويكون ختام رمضاننا عتقٌ من النار بإذنه.

تاريخ وموعد ليلة القدر 2023

يصادف رمضان القادم 2023 السنة الهجرية 1444، وسيبدأ شهر رمضان على الأغلب في 23 آذار 2023. فيما تبدأ العشر الأواخر من رمضان 2023 في 11 نيسان 2023 وهو الموافق ليوم الـ 20 من رمضان.

وخلال أيام العشر الأخير علينا أن نتحرّى ليلة القدر في أيامها الوتر والشفع مع الترجيح بأنها في ليلةٍ وترية.

الجدول التالي يوضّح تواريخ أيام العشر الأواخر من رمضان 2023:

أهمية ليلة القدر

تقدير شؤون الخلائق

سُمّيت ليلة القدر بهذا الاسم لأنها ذات قدرٍ عظيم وشرفٍ كبير. أو كما جاء في القرآن الكريم أنّ في هذه الليلة تُقدّرُ شؤون الخلائق من أرزاقٍ وآجالٍ والله أعلم. قال تعالى في كتابه الكريم: “فيها يفرق كلّ أمرٍ حكيم” {الدخان:4}.

شرف عظيم لنزول القرآن فيها

خصّ الله تعالى ليلة القدر بشرفٍ العظيم؛ ففي بداية سورة القدر ذكر الله تعالى هذه الليلة المباركة بقوله تعالى: “إنا أنزلناه” والمقصود هنا القرآن الكريم.

إذ أنّ الله برحمته وعظمته أنزل القرآن الكريم من اللوح المحفوظ جملةً واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر المباركة. فيما بعد وبحسب الوقائع نزل القرآن الكريم مفصلًا في 23 سنة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

ليلة القدر في القرآن

في عظمة و فضل ليلة القدر قال تعالى في كتابه الكريم:

“﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ۝ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ۝ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾” {الدخان: 3-5}.

وقال تعالى:”﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ۝ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ۝ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ۝ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ۝ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾” {القدر1-5}.

ليلة القدر في الحديث والسنة النبوية

فضل وأجر العبادة في ليلة القدر:

“عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ومن قامَ ليلةَ القَدرِ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقَدَّمَ مِن ذَنبِه)).” رواه البخاري (2014)، ومسلم (760).

الاعتكاف في ليلة القدر:

“عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((من كان اعتكَفَ معي، فلْيعتكِفِ العَشرَ الأواخِرَ، وقد أُريتُ هذه الليلةَ ثم أُنسِيتُها، وقد رأيتُني أسجُدُ في ماءٍ وطِينٍ مِن صَبيحَتِها فالتَمِسوها في العَشرِ الأواخِرِ، والتَمِسوها في كُلِّ وِترٍ))” رواه البخاري (2027)، واللفظ له، ومسلم (1167).

الدعاء والتقرّب إلى الله:

“عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت ((قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ إنْ عَلِمْتُ أيُّ ليلةٍ ليلةُ القَدرِ، ما أقولُ فيها؟ قال: قُولي: اللَّهُمَّ، إنِكَّ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فاعْفُ عَنِّي))” رواه أحمد (6/171) (25423)، والترمذي (3513).

تحرّي ليلة القدر:

“عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((تَحَرَّوْا ليلةَ القَدْرِ في الوِترِ مِنَ العَشرِ الأواخِرِ مِن رَمَضانَ))” رواه البخاري (2017)، ومسلم (1169).

“عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((التَمِسُوها في العَشرِ الأواخِرِ مِن رمضانَ، ليلةُ القَدْرِ في تاسعةٍ تبقى، في سابعةٍ تبقى، في خامسةٍ تبقى))”

أجر ليلة القدر

خصّ الله تعالى ليلة القدر ببركاتٍ وأجرٍ عظيم؛ ففيها:

• ثوابٌ مضاعف أضعافاً كثيرة.
• تكفيرٌ للذنوب.
• أجرٌ يعادل ألف شهر؛ وتساوي ثلاثًا و ثمانين سنة وأربعة أشهر.
• تتنزَّل الملائكة برحمة الله.

قال تعالى في كتابه العزيز قولاً واضحاً جلياً في أجر ليلة القدر: “ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر”. فالعبادة في هذه الليلة خيرٌ من عبادة ألف شهر.

وكذلك أيضاً في أجر ليلة القدر؛ ذكر لنا النبي أنّها ليلة تكفّر الذنوب بإذن الله.

فقد رُوِيَ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن قام ليلةَ القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه))” متفق عليه.

العبادات في ليلة القدر

ليلة القدر هي ليلة مباركة على جميع المسلمين؛ وليست مخصوصة لأناسٍ بعينهم. ومن العبادات التي ذُكرت في هذه الليلة:

• الصلاة
• تلاوة القرآن
• فعل الخيرات
• الذكر
• الدعاء
• عمل الصالحات

إخراج الصدقة والزكاة في ليلة القدر والتبرع بها

لاشكّ بأنّ فضل الأعمال الصالحة في هذه الليلة عظيم. وأمرنا النبي فيها بكثرة الدعاء والقيام والاعتكاف فيها.

واختلف العلماء في فضل زيادة الأجر عند إخراج الصدقة والزكاة في ليلة القدر. وذهب بعض الفقهاء إلى تحرّي ليلة القدر بكثرة الصدقة فيها.

وفي هذا القول ذكر الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله:

“وَلَا سِيَّمَا فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ فِي الشَّهْرِ ـ أَيْ شَهْرِ رَمَضَانَ ـ فَإِنَّهُ أَوْلَى مِنْ بَقِيَّةِ الشَّهْرِ بِكَثْرَةِ الصَّدَقَةِ، وَالْقِرَى، وَالِاعْتِكَافِ، وَالْقِرَاءَةِ، وَالتَّهَجُّدِ لِطَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ أَيْ الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْتَهِدُ فِيهِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ”.

ختاماً نسأل الله تعالى أن يسلّمنا رمضان وأن يسلّم رمضان لنا وأن يبلغنا ليلة القدر ويجعلنا ممن يغتنمون ساعاتها عبادةً وطاعةً وأعمالاً صالحة.

الأسئلة الشائعة

المصادر:

موقع ابن باز، الجزيرة نت، التاريخ الهجري،  إسلام ويب، الدرر السنية.