2023/07/25
شارك عبر

وعدَ الله تعالى المتصدّقين بثوابٍ عظيم في الدنيا والآخرة، فالصّدقةُ بابٌ من أبوابِ الخير وسبيل إلى الفوز بمرضاة الله، وسببٌ في تكفير الذنوب والنجاة من النار، كما أنها نماءٌ وطهور للأموال، وشفاءٌ للمرضى، قال رسول الله ﷺ: «حصّنوا أموالكم بالزكاة، ودَاووا مرضاكم بالصدقة».

سقيا الماء في القرآن والسنة

إنَّ أعظم اِستثمار يُمكن للمؤمن أن يدخله، هو التبرّع بصدقةٍ جارية يدوم أجرها إلى ما بعد الممات، وتعتبر سقيا الماء من أفضل الصدقات، لما ورد فيها من آيات وأحاديث في القرآن الكريم والسنّة الشريفة.

  •  إذ قال تعالى في كتابه الكريم: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) [الأنبياء-30].
  • عن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: قُلت يا رسول الله إنَّ أُمّي ماتت أَفَأَتَصَدَّقُ عنها؟ قال: «نعم». قَلتُ فأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ ﷺ: «سَقْيُ الْمَاءِ»، وفي هذا الحديث دعوةٌ لكلِّ من يرغب بأن يتصدّق عن والديه، ليشارك في دعم مشاريع سقيا الماء بمختلف أنواعها.
  • كما ورد عن رسول الله ﷺ أنّه قال: «أَيَّمَا مُسْلِمٍ سَقَى مُسْلِمًا عَلَى ظَمَأ، سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ».

أهمية مشاريع سقيا الماء

نعلمُ جميعاً أن الماء شريان الحياة وأهم مواردها، ولطالما ترددّت على مسامعنا عبارة “الماء هو الحياة“، لكن لا يُدرك أهميّة الماء حقيقةً إلّا من حُرم منه لشهورٍ بل ربّما لسنوات، إذ أشارت أحدث الإحصاءات الصّادرة عن منظمة الصحّة العالميّة، إلى وجود حوالي (2) مليار إنسان حول العالم ممّن يستخدمون المياه الملوّثة بالبراز، التي تهددّ حياتهم بشكلٍ مُباشر.

من هنا تبرز أهميّة مشاريع سقيا الماء التي تساهم بإنقاذ حياة ملايين من البشر والمسلمين، تتجلّى أهميّة هذه المشاريع في النقاط التالية:

  • الحد من اِنتشار الأمراض القاتلة -مثل الإسهال والكوليرا والزحار والتيفوئيد وشلل الأطفال- التي تنتقل بواسطة المياه الملوّثة.
  • تأمين المياه الصالحة للشرب للملايين من الناس.
  • رفع مستوى النظافة والصحّة العامة في المجتمعات الفقيرة.
  • تأمين مياه الرّي اللازمة لسقي المحاصيل الزراعيّة وتوفير الغذاء الصحّي.
  • توفير الوقت والجهد على الأطفال والنساء الذين يقطعون مسافات طويلة للحصول على الماء النظيف.

الماء أصل الحياة

لولا وجود الماء لهلكت الأرض ومن عليها، فالماء أصل الحياة وشريانها والمكوّن الأساسيّ في خلق الإنسان والحيوان والنبات. قال تعالى في كتابه الكريم: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [النور-45].

صدقة جارية

يعتبر التصدّق لمشاريع سقيا الماء من الصدقات الجارية، لما ورد في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: «سبعٌ يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته: من عَلّم علماً، أو أجرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورّث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر لهُ بعد موته».

سقيا الماء مغفرة للذنوب

إنَّ سقيا الماء طريقٌ لمغفرة الذنوب والخطايا مهما عظُمت، وعَن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ: «بينما كلبٌ يُطِيفُ بركِيَّةٍ كاد يَقتلهُ العَطَشُ، إِذ رَأتْه بغيٌّ مِن بَغايا بني إِسرائيل، فنزعت مُوقَها فسَقَتْه، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ»، وهذا أجرُ زانيةٍ سقت كلباً، فلنا أن نتخيّل ثواب المسلم الذي يسقي إنساناً مسلماً.

كما قال رسول الله ﷺ: «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ».

منع سقيا الماء طريق للنار

إنَّ الماء نعمةٌ من نعم الله، ولا يمنعُ الماء إلّا من نُزعت الرحمة من قلبه واِستُبدلت بالقسوة، وكما أن سقيا الماء سببٌ للمغفرة، فإن منعه هو الطريق إلى النار، إذ دخلت امرأةٌ النّار في قطّة حبستها حتى ماتت.

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول ﷺ: «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتْها حتَّى ماتَتْ، فَدَخَلَتْ فيها النَّارَ، لا هي أطْعَمَتْها ولا سَقَتْها، إذْ حَبَسَتْها، ولا هي تَرَكَتْها تَأْكُلُ مِن خَشاشِ الأرْضِ».

سقي الماء نماء للإيمان

يزداد الإيمان بالطاعات والعبادات والقرب من الله، وينقصُ بالذنوب والمعاصي، إذ ورد عن رسول الله ﷺ أنَّ الصّدقة تُطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النّار، وبذلك يمكننا أن نقول أنَّ سقي الماء نماءٌ وزيادة للإيمان.

مشروع سقيا الماء يحقق التنمية المستدامة

إن توفير المياه النقيّة وخدمات الصرف الصحّي النظيفة، من أهم أهداف التنمية المستدامة التي تسعى الدول عالمياً إلى تحقيقها، إذ أن المياه الملوّثة هي السبب الرئيسي في موت الأطفال دون سن الخامسة، فهي تزيد من خطر إصابتهم بأمراض يمكن الوقاية منها، إلى جانب القزامة وسوء التغذية.

مشاريع سقيا الماء

هناك العديد من مشاريع سقيا الماء التي يمكن إقامتها في المناطق المتضرّرة، ونعمل في منظمة بنيان الإغاثية على توفير المياه النظيفة للاجئين والنازحين في المخيمات، إلى جانب توفير المياه الصالحة للشرب.

حفر الآبار

رغم وجود حلول مختلفة لأزمة المياه، إلّا أن حفر الآبار هو الأفضل بينها، فهو حلٌّ مستدام الأثر منخفض التكلفة، إذ يؤمّن حفر الآبار الاِرتوازيّة المياه الصالحة للشرب والاِستعمال اليومي بشكلٍ دائم.

عندما اِنتقل المهاجرون إلى المدينة المنوّرة لم يستسيغوا ماءها، وكان فيها بئرٌ عذب يدعى بئرُ رُومة، وكان المسلمون يشترون الماء مقابل المال فلم يطيقوا ذلك، فاِشتراها عُثمان بن عفّان ووهبها للمسلمين، فقال رسول الله حينها من حفر رومة فله الجنّة.

المياه المتنقلة

يقطعُ الآلاف من النساء والأطفال الذين يعيشون في المناطق النائية، مسافات طويلة مشياً على الأقدام لتأمين مياه الشرب، يمكن تخفيف معاناة هؤلاء المستضعفين من خلال التبرّع لشراء صهاريج المياه المتنقّلة، حيث توصل المياه إلى تلك العائلات بشكلٍ يوميّ، وتوفّر عنهم الوقت والجهد.

مبردات المياه

إنَّ معظم المناطق التي تعاني من شحّ المياه، تتضرّرُ أيضاً من اِرتفاع درجات الحرارة الشديد، لاسيما في فصل الصيف الحارق، وفي ذلك فرصةٌ عظيمة للتبرّع بمبردات المياه التي تزوّد المحتاجين العطشى بشربةِ ماءٍ باردة، ويمكن التبرّع بمبرّدات المياه في المساجد والطُرقات ومخيّمات اللاجئين.

الأسئلة الشائعة

لماذا سقي الماء افضل الصدقات؟

إنَّ سقي الماء من أفضل الصدقات، لأنها صدقةٌ جارية يدوم أجرها إلى ما بعد الممات، وعندما سُئِلَ رسول الله ﷺ، أيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:«سَقْيُ الْمَاءِ».

ماذا قال الرسول عن سقيا الماء؟

ورد عن رسول الله ﷺ في سقيا الماء أنّه قال: «أَيَّمَا مُسْلِمٍ سَقَى مُسْلِمًا عَلَى ظَمَأ سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ».

هل سقيا الماء صدقه؟

نعم، بل تُعتبر سقيا الماء من أفضل الصّدقات.